هل يعود الوسيط الأميركي إلى بيروت بتراجع “إسرائيلي” عن خط 1؟
مصادر مطّلعة تستبعد الحل: الغاز اللبناني مرتبط بأزمة المنطقة
بعد أشهر على توقف المفاوضات غير المباشرة بين الوفدين العسكريين اللبناني والاسرائيلي حول ترسيم الحدود البحرية، عاد الملف إلى الواجهة عبر جولات مكوكية يقوم بها الوسيط الأميركي الجديد، آموس هوكشتاين، بين لبنان وفلسطين المحتلة في محاولة للتوصل إلى حل وسطي للنزاع الحدودي بين الطرفين.
وبعد جولته على المرجعيات الرئاسية اللبنانية الشهر الماضي، انتقل هوكشتاين الى فلسطين المحتلة للقاء الجانب الإسرائيلي، ومنذ آنذاك لم يتبدل أي جديد؛ ولكن، منذ أيام عاد الحديث عن زيارة مرتقبة للوسيط الأميركي إلى بيروت حاملاً رسالة “إسرائيلية” هامة بما خص ملف الترسيم، وهذا ما أكدته أوساط رئيس الجمهورية ميشال عون التي عبّرت عن تفاؤلها بالتوصّل إلى حلّ قريب لملف الترسيم، يمكن لبنان الإستفادة من ثروته البحرية.
وفيما رجّحت مصادر مطلعة لـ”أحوال” قدوم الوسيط الأميركي إلى بيروت خلال الأسبوعين المقبلين وقبل نهاية العام الجاري على أبعد تقدير، برز إعلان رئيس الجمهورية على أحد حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، بأن “هناك إشارات إيجابية بدأت تلوح للتوصل إلى اتفاق يضمن مصلحة لبنان وسيادته على مياهه وثرواته الطبيعية، ويؤدّي إلى استئناف عملية التنقيب عن النفط والغاز”. وتوقعت المصادر أن يعود الوسيط الأميركي بردٍ “إسرائيلي” يتضمّن تنازلاً عن تمسّكه بالخط 1 لصالح الموافقة على خط هوف (23).
وتزامن تسريب هذه الأجواء الإيجابية، مع زيارة وفد من الكونغرس الأميركي الى لبنان وجولة اللقاءات التي عقدها مع المسؤولين اللبنانيين، وقد أبدى الوفد بحسب ما علم “أحوال” اهتماماً بارزاً بملف ترسيم الحدود البحرية، وتشديده على ضرورة حل قضايا النزاع التي تسبب التوتر في منطقة الشرق الأوسط، لا سيما على جبهتَي لبنان وسورية مع “إسرائيل”، ما يحقّق نوعاً من التهدئة أو الهدنة الطويلة الأمد فيما لو عولجت، وأبرزها ملف الترسيم في الجنوب، ما ينهي هذا النزاع الحدودي من جهة ويحقق حداً مقبولاً من الاستقرار الاقتصادي من جهة ثانية، وبالتالي ينزع الأوراق من يد “حزب الله” للاستمرار بدوره العسكري والظهور بمظهر المدافع عن الحدود اللبنانية والثروة النفطية”.
وتضيف المعلومات أنه “في ظل الإنسحاب الأميركي من المنطقة والإنكفاء عن مناطق التوتر والصراع، لا سيما في أفغانستان والعراق وسوريا، اشتدّ الضغط الإسرائيلي على إدارة بايدن لترتيب ملفات التفجير في المنطقة التي تتعلق بأمن “إسرائيل” قبيل إنهاء الوجود الأميركي، لذلك تسعى واشنطن للتوصّل مع لبنان إلى حل لملف الترسيم للحؤول دون حصول حرب عسكرية مع لبنان تهدد أمن “إسرائيل” والمنطقة، ترى إدارة بايدن أنها بغنى عنها.
وفي هذا الإطار، عاد الوسيط الأميركي لإحياء الملف بعد انسحاب الوفد الاسرائيلي والوسيط الأميركي السابق من آخر جولة تفاوض في الناقورة، اعتراضاً على تمسك الوفد العسكري اللبناني بالخط 29 الذي رسمه الجيش اللبناني للحدود، علماً أن التنقيب عن الغاز يُعد ملفاً حيوياً لـ”إسرائيل” ويمس الأمن الاقتصادي وبالتالي أمنها القومي.
في المقابل، أشارت مصادر مطّلعة على ملف الترسيم لموقعنا إلى أن “لا معطيات رسمية إيجابية حتى الساعة، رغم التفاؤل الذي يبديه رئيس الجمهورية في هذا الإطار”، مشددة على أن “إسرائيل لن تتراجع عن موقفها بالتمسك بالخط 1، أي السطو على كامل مساحة 860 كلم”.
وكشفت المصادر عن توجه أميركي بوقف جلسات التفاوض غير المباشر التي كانت تجري في الناقورة بين الوفدين العسكريين اللبناني والإسرائيلي في الوقت الراهن، على أن يعمل الوسيط الأميركي على تسوية بين لبنان و”إسرائيل”، ويجري تظهيرها في العملية التفاوضية في الناقورة تتوج باتفاق في جلسة تفاوضية في وقت لاحق.
وتراهن “إسرائيل”، بحسب المصادر، على تردي الأوضاع الاقتصادية في لبنان والإنهيار في المؤسسات وضعف الدولة المركزية لكي تدفع لبنان للقبول بأي شيء يُعرض عليه، ولذلك تشتدّ الضغوط الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية الأميركية على لبنان لدفعه لتقديم تنازلات والتراجع عن سقفه بتمسكه بالخط 29، ويجري استثمار الأزمة الدبلوماسية مع الخليج والتصعيد السعودي الخليجي ضد لبنان في هذا الإتجاه.
من جهة أخرى، يكشف مصدر متابع للملف عبر “أحوال” عن اتجاه لدى الدولة، لا سيما رئيسَي الجمهورية والحكومة، لتنحية الجيش عن الملف وتمثل ذلك بوقف جلسات التفاوض لكي تتخلص الدولة من الخط 29 أي مساحة 1430 كلم الذي رسمه الجيش، مشيرة الى أن “أي تسوية للملف لن يكتب لها النجاح في ظل تمسك لبنان بهذا الخط”.
وتفيد المعلومات عن بدء “إسرائيل” التنقيب عن الغاز في المساحة المتنازع عليها، ولا يمكن منعها كون هذه المساحة غير محددة ولا اتفاق حولها، إسوة بعدم وجود اتفاق على ترسيم الحدود. لكنها تترقب ردة فعل “حزب الله” بعد تهديد أمينه العام السيد حسن نصرالله في أحد خطاباته.
في المقابل، تستبعد مصادر أخرى لـ”أحوال” نجاح الوسيط الأميركي بالتوصل الى حل في ملف الترسيم، لأنه يرتبط بالتسويات في المنطقة في أكثر من ملف وساحة، فضلاً عن صعوبة حسم توجه لبنان لجهة خطوط أنابيب وطرق تصدير النفط والغاز في المنطقة إلى أوروبا، والصراع بين الخطين “الإسرائيلي” المصري الخليجي من جهة، والسوري التركي الروسي من جهة ثانية.
محمد حمية